لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
كثير من الناس عندما ندعوه للدين وندعوه للأعمال الصالحة يتذرع بأية ربما تكون لأول وهلة أنها صحيحة وفي محلها. فترانا نقر ونكف الدعوة لأننا اقتنعنا بالأية وكانت دليلاً قاطعاً لنا.
فما أريد أن أنوه أن الله خلقنا وهو أعلم بنا و بوسع أنفسنا. أي أن الله مستحيل أن يأمرنا بأمر وهو يعرف أننا لا نطيقه أو من المستحيل فعله.
فالأدلة من القرأن والسنة تفسر وفقاً لعددة عوامل منها:
1- المعرفة بقواعد باللغة العربية.
2- معرفة سبب النزول.
3- معرفة معانى اللغة العربية.
4- معرفة الأجواء والبيئة عندما نزلت الأية.
5- الرؤية الكاملة للأيات أي لا نأخذ كل أية على حدة ونفسرها كأنها مستقلة وليس لها علاقة بسابقتها.
6- أن القرأن حمال وجوه فالتفسير يأتي ممن وهو ضليع وعالم بعلومه وقرأته وأحكامه.فالأية الكريمة "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت". كان لها سبب نزول وكانت لها أيات تسبقها متصله بها في المعنى وسبب النزول.
فالنقرأ الأيات من أولها قال تعالى: "لله مافي السماوات والأرض وإن تبدوا مافي أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير () آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبة ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير () لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا اصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به وعفوا عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين".
عندما نزلت الأية الأولى وهي "لله مافي السماوات والأرض وإن تبدوا مافي أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير". حاول الصحابة العمل بها و تطبيقها. ومعنى الأية أن كل خواطر الإنسان الخفية والأعمال الظاهرة محاسب عليها الإنسان. فمثلاً إذا رأى الإنسان مالاً وخطر له سرقته ولكن لم يسرقه فالله يحاسبه أنه سارق. أو رأى امرأة وخطر في باله الزنى ولم يفعله فهو زان.
وكما هو معلوم أن الخواطر لا يمكن التحكم بها أو حجمها. فأصبح الصحابة كل المكهربين في بيوتهم أرادوا التحكم في خواطرهم، ولكن لم يستطيعوا.
فجاؤا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وجثوا على ركبهم. وقالوا: يا نبي الله كلفنا بما نطيق فلقد أطقنا الصلاة والصيام والقيام والجهاد ولكن نزلت عليك أية لا نطيقها فذكروا الأية. فقال لهم رسول الله: لا تقول لي كما قلت بني اسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا. وقصد النبي أنه عندما امرت بني اسرائيل بالقتال ودخول فلسطين رفضوا ولم يطيعوا رسولهم ولم يسلموا.
فرجع الصحابة لبيوتهم وهم يجتهدون في تطبيق الأية، فنجح الصحابة في الامتحان ونزلت الأية الثانية تشهد بإيمان الصحابة وخفف عليهم حكم الخواطر وزاد أنه رفع حساب النسيان والخطأ. فقال تعالى" آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبة ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير () لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا اصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به وعفوا عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين".
وأريد أن أقول أنه لا يوجد أحد من الصحابة من تأفأف أو مشي بالنجوة بين أصحابه أو قال والله النبي زودها، لأنه لو فعلوا لكانوا رسبوا في الإمتحان وذكروا في القرأن، ولكن الامتحان كان التسليم وقد سلموا للأمر فنجحوا.
و باقي التشريعات النفس تطيقها بالمجاهدة قال تعالى "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا". فالله لا يأمرك بشئ إلا وأنت تطيقه.
هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين. فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.