الوالي و الحمال

يحكى أن واليا استاجر حمالا و كلفه ببعض الاعمال المنزلية الشاقة
كان الحمال شابا قويا وسيما و امينا دفعت به الظروف الى اشتغال هذه المهنة
و كان للوالي بنتا وحيدة شابة وجميلة كان يحبها حبا جما و لا يرفض لها طلبا ابدا
فكان كلما حان وقت الطعام ارسل بنته للحمال و معها وجبته
و في كل مرة يقول لها الحمال ارجعي لابيك و قولي له ان الحمال يريد ان ياكل معك
فيغضب الوالي و يقول لها امثلي ياكل مع الحمالين
ارجعي اليه و قولي له هذا
و في كل مرة كان الحمال يبتسم و يقول مال اباكي يامن غدر الزمن
فعسى ان يصبح حمالا مثلي
فاستمر هذا الوضع اياما معدودة انهى فيها الحمال شغله و اخذ اجرته الزهيدة
وانصرف لكنه قبل ان يذهب همس للبنت ان كان لها شان في حياتها ان لا تقصو على الحمالين
فانهم ذوو ظروف و الا لما رضوا بهكذا اعمال
فوقع ذلك في نفس البنت فاشفقت عليه
وبعد مدة ارادت البنت الاحسان الى الحمال المسكين فقالت لابيها الوالي
ان يحضره مرة اخرى لتتصدق عليه
فاراد الوالي ان يقنعها ان المدينة كبيرة و لا يمكن ايجاده
لكن الفتاة الحت و صممت ان تلتقي الحمال
فارسل الوالي جنده بحثا عنه و حين وجده عوضا ان يخبر ابنته
قام الوالي بتهديد الحمال المسكين بان لم يرحل من المدينه ليقتلنه و اهله معه
و هذا من اجل ان تنسى الفتاة امره و امر الحمالين جميعا
فرحل الحمال الى مدينة اخرى و معه اهله خوفا من ظلم الوالي
لكن وقع ما لم يكن في الحسبان
علمت البنت بما جرى فاثر ذلك على صحتها فمرضت مرضا شديدا
واقسمت ان لا تكلم احدا قبل ان تكلم الحمال
لكن مرضها هذا شغل الوالي فاصبح كئيبا مهموما لا يهمه الا صحة ابنته المريضة
و مرت ايام و ايام و اعوام و اعوام و الشابة على حالها رغم تشخيص الاطباء و وصفات الدواء
فصرف عليها امواله الطائلة حتى صار فقيرا
و عزله الامير عن حكمه بحجة عدم القدرة على تسيير شؤون الولاية
فقرر الرحيل الى مدينة اخرى لعله يحصل على وظيفة تعوله و ابنته من الجوع و العطش
فنزل السوق فلم يجد الا شغل الحمالين فلم يقوى على ذلك
فسال عن رئيس السوق لعله يعرفه او يستعمل معه نفوذه
فالتقى به فقص له قصته الحزينة و الجوع يعضه عضا و الفقر يعصره عصرا
فنادى على الطعام فاحظروه فلما مد الوالي يده لياكل قال له رئيس السوق
انتظر ا مثلي ياكل مع الحمالين
حينها ادرك الوالي انه امام ذلك الحمال المسكين
فاعتذر منه بعد ان ابتلت لحيته بكاء
فانطلقا الى الفتاة فتحسنت صحتها و شفيت من مرضها
و كان اول ما نطقت به هو وصية الحمال لها ان احسني للحمالين
لكن لمن تحسن هذه المرة فالحمال اباها الذي كان واليا
و ما لقيته من جراء ظلمه و تكبره
لكنها فتاة بارة بوالديها مهما يكن

affraid

شكرا على العبرة

بارك الله فيك على المرور الطيب