يفترض الناس أن العظماء لا يخطئون ..
وأن قراراتهم في الحياة جلّها صائبة ويتناسون أن القرارات الصائبة تعود بالأساس للقرارات الخاطئة .
ففي معظم الأحيان يتعلم الإنسان من التجربة والخطأ و لكن السعيد من تعلم من أخطاء الغير
ولكن بشكل عام العظيم هو الذكي الفطن صاحب الخبرة والحنكة الذي يبحث عن جوهر الأشياء تاركاً قشورها.
إنه صياد قديم يعرف أسرار البحر فيشد الحبال وينشر القلوع عند هبوب الريح ... وقد يخالط العظمة َ شرٌّ فيكون كقديس يستبطن زنديقاً .
ويظل محتفظاً بعظمته . فهل إن مثل هذا النموذج هو بالضرورة قادر على اختيار الزوجة الصالحة التي ترعى البيت مدى الحياة حباً وطمأنينة وسكينة.. ..
أم إنه قد يخطئ عن عاطفة أو هوى أو عقل .الحقيقة أن الإنسان العظيم هو إنسان كسائر الناس " لا تسأل عن الرجل واسأل عن الظرف "
أتاحت له الظروف تبوأ مكانة ساعدته فيها موهبة أو فطرة .... ونجد بعض الأمثلة التي فشل فيها العظماء في اختيار الزوجة الصالحة ...
فليس بالضرورة وراء كل عظيم امرأة
و إليكم ثلاثة أمثلة عن عظماء عانوا من زوجاتهم ولكن كل بسبب وعلى طرائق مختلفة .
1- نابليون الثالث :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]إمبراطورفرنسا ، وابن عم نابليون بونابرت ... وقع في غرام "ماري أوجيني " كونتيسة تيبا ......
وانتهى هذا الحب بالزواج رغم معارضة مستشاري الإمبراطور
... لعدة أسباب بينوها .... أهمها " أن ماري " أوجيني " مجهولة الحسب والنسب ...
ولأن الفرو قات العقلية والثقافية متباينة ... وأن هذا الحب ماهو إلا عبارة عن جذوة مشتعلة لا تلبث أن تخمد ...
لم يهتم الامبراطور بهذا الرأي والمعارضة ... ... فقد تزوجها فعلاً وتوافرت لنابليون و أوجيني كل أسباب السعادة والهناء من صحة وثروة وحب وجمال ،
فهل عاشا عيشة راضية فيها المودة والرحمة والسكون ؟ كلا ... لقد خمدت نار الحب المتأججة في قلبيهما ... وأصبحت رمادا .
ولم يكن لهذا التحول العجيب غير سبب واحد ... ذلك هو الغيرة النكراء التي تملّكت أوجيني .
فدفعت بهاإلى أن تعذّب زوجها وتذّله ، وكانت تقتحم عليه مكتبه حينما يكون مشغولاً بشؤون الدولة .
فتعصف به عصف الرياح وتنكد عليه عيشته وما ذلك إلا أنها كانت تخشى دائماً أن يكون قد اتخذ لنفسه إمرأة من دونها ...
لم يشفع الحب ولا السلطة والجاه ومباهج الحياة في عدم تنغيص حياتهما ...
أليست الغيرة أحياناً مرضاً بحاجة لعلاج ... وعدم ثقة بالنفس تعذب الزوجين معاً ..
2 - و الشخصية الثانية هي شخصية أدبية ذائعة الصيت .. الكاتب القصصي الروسي " ليون تولستوي "
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وصاحب الحرب والسلام ..
عاش مع زوجته في أسوأ حال . صرحت زوجته لابنتيها قبل أن تموت بقولها : " لقد كنت السبب في موت أبيكما " ولم تجب ابنتاها بشيء ...
فقد كانتا تعرفان أن أمهما تقولان الحق . لقد قتلت أباهما بشكاتها المستمرة . وانتقاداتها الكثيرة له وبالنكد الأسود الذي كانت تظلل به بيت الزوجية .
لقد كان لتولستوي من الشهرة الأدبية ما ملأ الأفاق . وكان له فوق ذلك نصيب موفور من الثروة والمكانة الاجتماعية .....
وفجأة انقلبت حياة (تولستوي ) رأساً على عقب بعد زواجه وأصبحت مأساته كبيرة .
زوجته هي السبب في ذلك كله فقد اكتشف أن زوجته تحب الترف والبذخ والشكليات الفارغة . بينما كان هو يحتقر كل ذلك ...
ويبحث عن جوهر الأشياء لا قشورها .
لم تكن تهيؤ له جو التفكير والتأمل بل كانت تثور عليه ثورة هوجاء لأنه أصر على أن ينشر كتبه دون أن ينال لقاءها أجراً .
وعندما كان يعارضها تولستوي في بعض آرائها . كانت تثور بهيجان وتتمرغ على الأرض وزجاجة السم على شفتيها تهدد زوجها بقتل نفسها
وبعد مضي ثمانية وأربعين عاماً على هذا الزواج ، لم يكن " تولستوي " يستطيع أن يحتمل مجرد مرأى زوجته .
وعندما أصبح في الثانية والثمانين من عمره عجز تماماً عن احتمال الشقاء الذي تنشره زوجته في أرجاء البيت .
فهرب ذات ليلة قارسة البرد من ليالي شهر أيلول عام 1910 وهو لا يدري إلى أين سينتهي به المطاف .
وبعد ذلك بإحدى عشر عاماً مات " تولستوي " متأثراً بالتهاب رئوي حاد في إحدى محطات السكك الحديدية .
ولم يوصِ " تولستوي بشيء سوى ألاّ يؤذن لزوجته برؤيته ميتاً . هل اختلاف الأفكار بين الزوجين في النظرة للحياة من أسباب الشقاء .
وهل البون الفكري وعمق الإدراك إزاء شخصية تافهة ولو جميلة أو غريزية يمكن مستقبلاً أن يقلب السعادة إلى تعاسة والزواج إلى شقاق ونكد ؟
هذا ما عاناه تولستوي على الأقل
3 - أما الشخصية الثالثة ( أبراهام لنكولن )
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]فهي شخصية سياسية وقيادية فذة ولعبت دوراً في الحياة الأمريكية بارزاً ومخلداً .
ولكن زواجه كان مأساة حقيقية . فقد ظل يجني مدة ثلاث وعشرين سنة ماسماه أحد زملائه في المحاماة" الحصاد المر لشقاء الزوجين "
فقد كانت مسز لنكون دائمة الشكوى والانتقاد لزوجها . ولم يكن فيه شيء يروقها قط .
فهو في نظرها مقوس الكتفين يسير جامداً ، كأنه تمثال لا رشاقة في خطواته ولا اعتدال في حركاته كلها ...
ولم تكن تعجبها الطريقة التي تقف بها أذناه إلى الخارج في زاوية قائمة مع رأسه .
بل إنها قالت له ذات مرة أن أنفه ليس معتدلاً ... بل بشعاً.
وأن شفته السفلى تتدلى إلى الخارج كشفة البعير و أن قدميه ويديه أكبر مما ينبغي .
لقد كانا على طرفي نقيض في كل طباعهما . وحتى في نظرتيهما للأشياء البديهية التي يتصادق عليها كل الناس لذلك كان شجارهما موصولاً بلا انقطاع ..
وفي ذلك يقول السينانور " ألبرت بفريدج " : كان صوت مسز لنكولن العالي المجلجل يسمع من الطريق ،
وكان غضبها يتخذ سبيلاً إلى الظهور عبر سيل الكلمات اللاذعة ، أما حوادث شراستها فمن الكثرة بحيث لا يمكن حصرها ...
من ذلك أن لنكولن وزوجته أقاما بعد زواجهما بفترة قصيرة في بيت مسز جاكوب آرلي :
وهي أرملة أحد الأطباء في " سبرنجفيلد " وفي ذات صباح بينما كان لنكولن وزوجته يتناولان إفطار هما إذ أتى لنكولن بحركة لم تعجب زوجته ،
فإذا بها تقذف بقدح القهوة في وجهه . لم يفعل لنكولن العظيم شيئاً سوى أنه انتظر مجيء مسز جاكوب لتمسح وجهه وثيابه .
وكان هذا الرجل الكبير يفضل النوم في المقاهي والحانات الوضيعة على أن ينام في بيته .
فلماذا لم تشفع له عظمته ودوره الرائع في قيادة بلاده .ونجابته كمحام ناجح بالأساس في تمتين حياة زوجية سعيد
وهل كان اختياره بناء على عقل أم عاطفة .....
أم أن الأمور لا تظهر بشكل جلي إلا بعد المعايشة والاكتشاف
وأن النظرة الأولية خداعة والتعايش والصداقة لا تظهر حقيقة الزوجين إلا بتحمل المسؤولية .
وقبول كل منهما للآخرمن أجل تحقيق رسالة الحياة .
ولكن في بعض الحالات يلعب الحظ دوراً في ذلك ولا بد من أن يتخير المرء الزوجة الصالحة ..