السلام عليكم
الحمد لله
أولاً :
الصدقة
الجارية هي التي تبقى مدة طويلة ، كبناء مسجد أو حفر بئر ، أما الصدقة
التي لا تبقى كالصدقة بمال على فقير أو بطعام ، فهذه ـ وإن كانت صدقة لها
ثوابها ـ إلا أنها ليست جارية ، لأنها لا تبقى .
ثانياً :
اختلف العلماء في جواز إهداء ثواب بعض الأعمال للموتى وهل يصلهم ذلك على قولين :
القول الأول : أن كل عمل صالح يهدى للميت فإنه يصله ، ومن ذلك : قراءة القرآن والصوم والصلاة وغيرها من العبادات .
القول
الثاني : أنه لا يصل إلى الميت شيء من الأعمال الصالحة إلا ما دل الدليل
على أنه يصل ، وهذا هو القول الراجح ، والذي دل الدليل على وصول ثوابه إلى
الميت هو : الحج والعمرة ، والصوم الواجب من نذر أو كفارة أو ما شابه ذلك
، وقضاء الدَّين ، والدعاء ، والصدقة بالمال .
وانظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم ( 9014 ) .
ثالثاً :
توزيع كتيبات أو أجزاء من القرآن عن الميت يصل ثوابه إليه ، لأنه هذا من الصدقة بالمال .
ولا
داعي لكتابة اسم الميت على هذه الكتيبات ، لأنه لا حاجة إليه ، وقد يكون
الباعث عليه الرياء والسمعة من أولاده حتى يذكرهم الناس بأنهم فعلوا كذا
وكذا من أعمال الخير .
رابعاً :
أفضل الصدقات الجارية :هي
ما نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم مما يجري على الإنسان أجره بعد
مماته ، ويقاس عليها ما هو مثلها أو أكثر نفعاً .
فعن أنس رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (سبعٌ يجري للعبد أجرُهن
وهو في قبره بعد موته : مَن علَّم علماً ، أو أجرى نهراً ، أو حفر بئراً ،
أو غرس نخلاً ، أو بنى مسجداً ، أو ورَّث مصحفاً ، أو ترك ولداً يستغفر له
بعد موته) .
والحديث : حسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 959 ) .
فأفضل الصدقات الجارية :
بناء مسجد .
نشر العلم الشرعي عن طريق توزيع المصاحف أو الكتب أو الأشرطة أو اسطوانات الكمبيوتر أو النفقة على طلبة العلم .
إيصال الماء إلى المحتاج إليه عن طريق حفر بئر أو استخراجه وإيصاله بالآلات والمواسير .
حسن تربية الأولاد .
ومن لم يستطع أن يبني مسجد أو أن ينشر العلم بمفرده فليساهم في ذلك بما يستطيع .
ونوصي
أنفسنا والمسلمين جميعاً أن يبادر كل واحد منا للعمل الصالح قبل موته ،
وليحرص على ما يتعدى نفعه للآخرين ويبقى بعد موته ، وبه يتحقق الوعد
بجريان أجور تلك الطاعات بعد موته ، وليحرص المسلم على إبراء ذمته من
الواجبات كالحج والصيام قبل موته ، فقد لا يتيسر له من يؤديها عنه ، فيأثم
إن كان غير معذور ، ويُحرم أجرها إن كان معذوراً .
وليحرص المسلم على تربية أولاده تربية شرعية صالحة ، حتى يكسب أجورهم ويضمن دعاءهم .
فعن
أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن
الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول : أنَّى لي هذا ؟ فيقال : باستغفار ولدك
لك) . رواه ابن ماجه (3660). وحسَّنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (
1598 ) .
ونسأل الله أن يوفق المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح .
والله أعلم