لا أعلم كم يبنغي لي أن أذرف من دموع ..
و هل يحق لي الاكتفاء بها أم حالتـــي يجـدر
بها بكاءا و نواحا و شفقة مني لحالي انا ..
أبكي كلما شاهدت مثل صورهم أو سمعت
عن بطولاتهم أو أحسست كيف كانت حياتهم !!
على مر عصور أمر و أرى و أقرأ في
دفاتر التاريخ و صفحاته ما يعز على المـــرء
في مثل حالتي أن يقرأه أو يحسه أو يرى
فاااااارق حد السماء و الأرض بين ماصــــار
و بين ما مضى .. عيون حقّ لها ان تصير
قريحة لا حزنا على من ماتوا او يموتوا فـــي
سبيل قضية و دفاع عن الدين و الشرف ,,
بل حزنا و شفقة على من عاشوا في سبيــل
حياة جردت من كل هذا و ذاك و عمّها تـــــرف
لا نسلم و لا نستسلم و من بعدنا تجيء أجيال
و الاجيال تعقبها أجيال ,, و ما موقفنـــــــا نحن
الآن من بعد ما قالوها أنحن من تحدثوا عنهم
أم نحن من ضيّعوها .. كلمة قيلت ملء فــاههم
لم ينحنوا و انحنينا .. لم يفرطوا في ذرة من
تراب أرضهم و نحن ارتضينا .. ترى هل فـي
قبورهم يبكون ؟؟ هل يروننا و يحزنون ؟!
كانت مفارقة عجيبة انهم كانوا زعماء و قـادة
و الآن يحكموننا أًخر خارقي للعادة كما تـــــرون !!
و صار المجانين يلهون بالبنادق و أبنائهم يقتلون
يحسبون انهم يمثلون في مسرحية ما
و لكنها حقا مسرحية هزلية تقوم على مسارح الحياة
أبطالها أصيبوا بجنون العظمة و شهو ة السلطة ,,
يدّعون التضحية و الرفعة و ما أرانا سوى مقيدين
و منقادين خلف تلك الاغلال المستترة ..
متراجعين عن أهل العصور الوسطى بسنوات أو
عقود من سنين فما صاروا في عصور الظلام ,,
و ما صرنا نحن للراية رافعين !!
و بيننا من في غنى فاحش .. و منّا عرايا و جوعانين
فانقسمنا كما كانت قريش و كان العبيد !!
لم نستلذ الجلد ..فنثور على كل طاغية عتيد
ليس واحد بل كثيرين و هناك بقية في الطريق قادمين
درسونا أن المجتمعات تعلو وتهبط فلا حال باق على حاله
و لكن كذبت يا بن خلدون فما أذكر سوى عصور ذهبية من
نور رأيت فيها أجداد عظماء و علماء مفكرين ,,
و أمم متدينة مطيعة لله و قضاة عادلين !! لكن النور ذهب !!
عشتً و عاصرتً و علمت عصور تتابعت عصر يتبعه
آخر و الآخر يتبعه أخر .. و ما أشهده كمثل ما شهده سابقون
شعوب ميتة .. حكام متخاذلة .. أدخلونا بيت الدمي !!
آآآآآآآآآآآآه ما أحقره و ما أشده على نفسٍ أبية و لكنها خائفة ..
و ملاك البيت مجموعة من السارقين و النابهين ..
لابد و أن نشهد لهم بالذكاء كما شهدنا عليهم بالطغيان ..
تتحكم بنا أو تتسلى ضاحكة هاهنا في رقعتنا .. رقعة الشطرنج !!
و لكن ها أراني أشهد بعض من الاموات قد بعثوا من جديد ..
نهضوا من قبور الظلام و الخوف .. تحركت البيادق راكبة على
ظهور الاحصنة .. لتداهم الملك و وزيره قائلة : كش ملك !!
فانقلبت اللعبة على لاعبيها .. و على من كانوا فيها
ربما أخذني الخيال بعيدا ,, و لكنني من قبل استبعدت أملا كان قريبا
فلا تستبعدوا أن يصدق ابن خلدون ..
و تصدق في النبوءة فتاة صغيرة
فيهب الأموات و من قبورهم يبعثون
لعيدوا ترتيب الصفوف و تبدأ مرحلة جديدة
فإن كنت ترى نفسك لست بطلا ..
دع الاخرين يعترفون و يشهدون لك بالبطولة !!
و إن كنت ترى نفسك جبانا ..
دع الآخرين يخلعون عنك رداء الجبن و يضموك
لقافلة الشجاعة و النخوة و الرجولة !!
و إن كنت ترى أنك مازلت عاجزا حتى على أن تنضم
لهم بكلمة بسيطة قليلة الأحرف ..
فلتعلم أنك مازلت ميتا .. و إن لم تفق الآن فستظل
في قبرك أعوام مديدة و عقود عديدة ..
ربما جفت بعض دمعاتي الآن و لكنها لم تنتهي
بعد .. ربما سأكتفي من كتاباتي الآن و لكنها
لم تأتي كل ثمارها بعد .. ربما اغادر الآن و لكنني
ساعود لكم من بعد .. ان يبعث آخرين من القبور !!
و لي معك لقاء يا أقصى ..
قال عمر المختار : ساعيش حياةً أطول من حياة شانقيها !!
صدق الشهيد ابن المختار .. هو و من قبله و بعده في الشهادة