إن من لم يسمع قول الناصح يصيبه ما أصاب السلحفاة حين لم تسمع قول البطتين. فقد زعموا أن غديراً كان عنده عشبٌ، وكان فيه بطتان وكان في الغدير سلحفاةٌ، بينها وبين البطتين مودةٌ وصداقةٌ. فاتفق أن غيض ذلك الماء؛ فجاءت البطتان لوداع السلحفاة، وقالتا: السلام عليك فإننا ذاهبتان عن هذا المكان لأجل نقصان الماء عنه. فقالت: إنما يبين نقصان الماء على مثلي: فإني كالسفينة لا أقدر على العيش إلا بالماء. فأما أنتما فتقدران على العيش حيث كنتما. فاذهبا بي معكما . قالتا لها: نعم. قالت: كيف السبيل إلى حملي? قالتا: نأخذ بطرفي عودٍ، وتتعلقين بوسطه؛ ونطير بك في الجو. وإياك، إذا سمعت الناس يتكلمون، أن تنطقي. ثم أخذتاها فطارتا بها في الجو. فقال الناس: عجبٌ: سلحفاة بين بطتين، قد حملتاها. فلما سمعت ذلك قالت: فقأ الله أعينكم أيها الناس، فلما فتحت فاها بالنطق وقعت على الأرض فماتت