لعل الهجاء أضحى من سمات عصر التخلف فهو يمثل شخصية ترتدي معالمها نفوس طيبة أحيانا وذات نوايا حسنة دون أن تحس تستنكر ما لا ينبغي أن تكون جادة باستنكاره، يصور بعضنا الدين محض تعاليم صارمة مطلوبة تحت كل الظروف والأحوال بصيغة واحدة لا تتبدل، وأن كل ما يفعل الناس في سواها محض بدع وخروج عن الأصول، ولكن لا يفهم هذا المخلص، أن الإسلام لا يجبر أحدا على فعل الخيرات أو السلوك للطريق، وأن استنكاره سيكون تمام الجدية والعقلانية حين تكون هنالك دولة، ولا يكون استنكاره لإنتاج من هذا النوع من قصص ومسلسلات لا تمت للعبادات بصلة وكلها مضيعة للوقت وملهية عن الذكر، لكن سيكون استنكاره لم تفشل الدولة في منافسة وجذب الناس لإنتاج ملائم لرمضان وما فيه من أطياف طمأنينة وسكينة وترانيم تسمعها محبة الله.
التخلف منظومة والنهضة منظومة وكل منظومة عليها واجب الإنتاج ومحاسبة على كفاءتها، ولها فاعلية تحدد نفوذها في البيئة، فهل المسلسل من اجلس الناس أم الناس من أنجحت المسلسل ليكون اجزاءا وتوابع بل حتى الممثلين الذين تابوا إلى الله وجدوا أنفسهم مابين مغمور متروك أو عائد مجبور.
ليس عادلا من ينتقد هو التخلف الذي يعاني هو منه حين يتوقع خيرا من الواقع الذي ينتقده، وإذا كنا نتوقع من هذا الواقع البالغ السوء خيرا، فعلام نرغب ونعمل لتغييره، نحن لا نتوقع أي خير من هذا الواقع الذي تترك غزة فيه على ما هي عليه، وندعي أننا صيام، وفي سجونه أناس لم يعلموا أن رمضان قادم ا واتى ليدعوا الله بالفرج من يد الظلمة والباغين.
إن الاهتمام بالغذاء ليس عيبا وتوسعة الرزق على الأهل مأمورين به، لكن العيب في الفكر العائم النائم، والطرح المنفر ومسك الحقائق من أطرافها، والانتقاد لكل شيء دون عمل ولا حتى إصلاح الفكر الذي تحمله ليكون ملائما للنهضة هو من معالم التخلف، ولو قام أحد بتجنيد الممثلين لعمل مسلسلات توجه الأمة إلى الصواب وتملك الجاذبية والانجذاب لانتقدها بنفس الصيغة، كذلك الذي يضيع وقته في أمواج مسلسلات في يوم أجر العمل فيه أضعافا مضاعفة. ذلك لأنه هو نسي الهدف من خلقه، بل لو فهم لقال لذاته، أأجلس أمام سيل المسلسلات لو كان لي عمل أجره ألف من الدولارات، وشتان بين الدولارات والحسنات.
الكلام بلا عمل مضيعة للوقت، والعمل بلا نظام بعثرة للجهد، ورمضان يقول لنا، العمل في الصيام والنظام في العمل ثمرات وليس بالجوع والعطش، وإنما بالسلوك المتفاعل ونظام الإسلام. نحن لا نقول لا تشاهدوا ولا تتمتعوا على قدر عقولكم، لكن وازنوا لترتقوا درجة فدرجة وأنتم من سيحكم على تقدمكم وان اقتضى الحكم كلما صحى وتيقظ فكركم، فالوقت ثمين والعمر قصير ونحتاج للمغالبة كي نسير إلى الهدف، والمغالبة بنظام لا تستغرب أن تستفيد فيها من واقعك غير المرضي الآن ،فالفكر متى استيقظ يحول الخامات مهما كان مصدرها إلى عناصر تقدم ورقي بعد أن كانت ثقلا يسير به نحو أعماق وإخفاق.