[size=9]
التحفة السّنية
في بعض ما جاء عن علماء المالكية
حول الاحتفال بالسنة الميلادية
اعتاد
بعض المسلمين أن يقلدوا اليهود و النصارى في منكراتهم وأن يتخلقوا
بأخلاقهم و أن يسيروا على طريقتهم الشنيعة في ارتكاب المعاصي كشرب الخمر و
اقتراف الزنا و ارتكاب شتى أنواع الفجور...
غير أن الاحتفال بالسنة الميلادية من الرذائل التي ما فتئت تنتشر في أوساط المسلمين ـ المغرب نموذجا ـ و هو ما أصبح يتكرر
سنويا كل ما حلت السنة الميلادية الجديدة. فتحولت إلى عادة دخيلة و بدعة
قبيحة يقوم بها شرذمة من المحسوبين على الإسلام و المسلمين. يتهيئون لها و
يعدون لها العدة أياما قبل حلولها. فيحجزون الكراسي في المراقص و الحانات و
فندق الخمس نجوم، و يشترون أغلى أنواع الخمور و المسكرات و يتسابقون على
تبادل الهدايا و تبادل الدعوات...
إضافة إلى ما يتم الإعداد لها من الصور و الرسوم و الورود و ما يقوم به الكثيرون من تزيين واجهات المتاجر و المقاهي، و ما تعرفه محلات الحلويات من إقبال ، و ما يلاحظ في أماكن بيع الخمور من ازدحام بالوافدين والمتزودين...
ولعل
من بين أسباب ذلك، الإعجاب بالغرب و حضارته و اعتبار البعض أنه مظهر من
مظاهر التسامح الديني الذي ينبغي أن يتحلى به المسلمون...
غير أن هؤلاء يجهلون أو يتجاهلون أن ذلك يدخل في باب الولاء، و قد نهى الله تعالى عن موالاة اليهود و النصارى. قال تعالى :
"
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ
فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ." المائدة/ 51
قال البيضاوي في تفسير الآية:
( "
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء " فلا تعتمدوا عليهم ولا تعاشروهم معاشرة الأحباب. "
بعضهم أولياء بعض " إيماء إلى علة النهي، أي فإنهم متفقون على خلافكم يوالي بعضهم بعضاً لاتحادهم في الدين وإجماعهم على مضادتكم. "
ومن يتولهم منكم فإنه منهم " أي ومن والاهم منكم فإنه من جملتهم، وهذا التشديد وجوب مجانبتهم لأن الموالين لهم كانوا منافقين. "
إن الله لا يهدي القوم الظالمين " أي الذين ظلموا أنفسهم بموالاة الكفار أو المؤمنين بموالاة أعدائهم.)
كما
أنه يدخل في باب التشبه المنهي عنه. فقدر روى أبو داوود في سننه، عن ابن
عمر رضي الله عنهما ، قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من تشبه بقوم فهو منهم.) و قوله عليه و آله الصلاة و السلام: " لتركبن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر أو ذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه، قالوا اليهود و النصارى قال: فمن."و قد ورد في المجلد الذي طبعته وزارة الأوقاف المغربية، وهو: "
المعيار المعرب و الجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية و الأندلس و المغرب" لأبي العباس الونشريسي المتوفى سنة 914هـ ما يلي:
( و سئل أبو الأصبع عيسى بن محمد التميلي عن ليلة يناير التي يسميها<1>
الناس الميلاد،و يجتهدون لها في الاستعداد، و يجعلونها كأحد الأعياد، و
يتهادون بينهم صنوف الأطعمة، و أنواع التحف و الطرف المثوبة لوجه الصلة، و
يترك الرجال و النساء أعمالهم صبيحتها، تعظيما لليوم، و يعدونه رأس السنة.
أترى ذلك أكرمك الله بدعة محرمة ، لا يحل لمسلم أن يفعل ذلك، و لا أن يجيب
أحدا من أقاربه و أصهاره إلى شيء من ذلك الطعام الذي أعده لها، أم هو مكروه
ليس بالحرام الصراح؟) فأجاب: قرأت كتابك هذا، و وقفت على ما عنه سألت، و كل ما ذكرته في كتابكفمحرم فعله عند أهل العلم. و قد رويت الأحاديث التي ذكرتها من التشدد في ذلك. و رويت أيضا: أن يحيى بن يحيى الليثي قال : لا تجوز الهدايا في الميلاد، من نصراني و لا من مسلم، ولا إجابة الدعوة فيه، و الاستعداد له.و ينبغي أن يجعل كسائر الأيام. و رفع فيه حديثا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال يوما لأصحابه: " إنكم مستنزلون بين ظهراني عجم، فمن تشبه بهم في نيروزهم و مهرجانهم، ]