بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وسار على هديه وهداه إلى يوم الدين... أما بعد...
كنت أبحث في الإنترنت عن بعض الإحصائيات والتقارير عن المجتمعات الغربية، والأمراض التي تعاني منها تلك المجتمعات.
فقادني البحث إلى إحدى المدونات، التي اخترت منها، خبراً عن لاعب غربي مشهور، يدعو زملاءه وأصدقاءه إلى زواج والديه!!!
وقد علق الكاتب على هذا الخبر، واستهزأ بهذه المجتمعات التي لا تعرف الأخلاق، فكان من أحد القراء أن رد يدافع عن المجتمعات الغربية، وكتب يقول:
(هدول اولاد الـ... اللي بتقول عنهم ،هم سبب النعمة اللي انتا عايش فيها)..
نعم لا يُنكر مُنْكِر أن أوروبا اليوم، أو الغرب عموماً، امتلكت حضارة مادية قوية وكبيرة جداً، وتمكنت من تحقيق إنجازات علمية عظيمة، وهذا أعطاهم القدرة على اجتياح الحضارات الأخرى في العالم، لتُصبح حضارتهم حضارة العلم والقوة والعصر الحديث.
إلا أن الواقع يذكر أيضاً أن حضارة أوروبا، رغم غناها المادِّي فقيرة جداً من ناحية الحضارة الإنسانية، بشكل يدعو إلى الشفقة، فلو قسمنا الحضارة إلى قوتين أساسيتين، واحدة مادية والأخرى إنسانية أو (قيمية معنوية) فإن حضارة أوروبا ستكون وبلا شك حضارة مريضة، ذلك أن الجانب الإنساني منها لم ينل الاهتمام الذي ناله الجانب المادي.
وبلغة أكثر سهولة، فإن تعبيرنا عن الجانب الإنساني في الحضارة يشمل أخلاق شعوب هذه الحضارة، وقيمهم الدينية والفكرية، ومدى ترابط النسيج الاجتماعي، وبالنظر إلى الشعوب الأوروبية، فإنها تشكو من مشاكل مزمنة ومرعبة في جانب الأخلاق، وهذا ما ذكره عقلاؤهم الذين دقُّوا نواقيس الخطر، وهم يرون النسب العالية جداً من المواليد الغير شرعيين، وحالات الطلاق المرتفعة، والعلاقات المنتشرة بين الجنسين خارج إطار مؤسسة الزواج، حتى بلغ المبلغ كحالة أَبَوَيْ هذا اللاعب الغربي، وذلك غير قضايا زواج المثليين، وتقنين هذا النوع المنتكس من العلاقات بين بني البشر.
أما قيمهم الدينية فهي على الهامش تماماً، حتى وُجد منهم من له هوية دينية بدون أي علاقة له بهذا الدين، وهؤلاء كُثُر جداً في أمريكا وأوروبا، ويُسمون باللادينيين، وقد تبعهم كثيرون حول العالم ممن اعتنقوا مبادئ العّلمانية الغربية، كما وتسير قيمهم الفكرية في فلك المادة، فهي كأي وسيلة لتحقيقي الربح المادي ونهب مقتدرات الأمم الأخرى، والدليل شجعهم وطمعهم الكبير جداً، وأحقادهم ومكرهم اللاأخلاقي وخيانتهم للعهود، في شكل يمحو وجود الفكر الذي يطرق الضمير ويُعاتبه.
وبذلك فنحن أمام حضارة مادية من الدرجة الأولى، وهذه الحضارة هي وكما ذُكِر حضارة مهددة بالانقراض، وقد طرح بعض عقلائهم تقاريراً ودراساتٍ تنقل الصورة الاجتماعية المرعبة لتلك الحضارة، منها مثلاُ ما ذكره الكاتب الأمريكي الكبير "فوكوياما" حيث يقول: (إن هذه الحضارة - بما فيها من ثورة تكنولوجية - هي السبب الذي أزال الحدودَ الثقافية والحضارية بين المجتمعات المستقرة منذ زمن طويل، وذلك أدى إلى بداية ظاهرة الانهيار العظيم التي اتسمت بتدهور خطير في الظروف الاجتماعية في معظم الدول الصناعية، فازدادت معدلاتُ الجريمة، وتسارع انهيارُ العلاقات والروابط بين أفراد الأسرة، المؤسسة الاجتماعية المستقرة منذ مئات السنين، وكذلك تراجع معدلات الزواج، وقلة المواليد إلى حد أن ثلث الأطفال بالولايات المتحدة ينشؤون خارج مؤسسة الزواج، في حين تبلغ هذه النسبة 50% في الدول الإسكندنافية).
وختاماً، فأين أولئك الذين أصموا آذاننا بمدح الغرب وحضارته والثناء عليهما؟ وماذا يقول الشباب الذين ربطوا الحضارة بتقليد الغربيين واقتباس نموذجهم الثقافي في اللباس وتسريحات الشعر وطريقة الأكل؟!!!.....
عذراً على الإطالة..
ألقاكم على خير..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرئيسية 
الموقع
