تعلموا الحب محبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الجزء الاول

ويا لها من محبة إنها أعظم محبة على وجه الأرض
لأشرف خلق الله فله المحبة الكاملة والولاء لكون طاعته من طاعة الله.. فهو
الرحمة المهداة والسراج المنير، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّا أَرسَلنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}[الأحزاب: 46]
وليس معنى حب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون بالقول المجرد أو
العاطفة؛ إنما تكون أفعالنا وأقوالنا وكل خلجة من خلجاتنا موافقة لما يحب
ويرضاه صلى الله عليه وسلم لكل فرد من أفراد أُمَته مع االشوق لرؤياه
الكريمة شوق المتحرق للقياه ليُنعم الله علينا بها ولننتبه أن الإيمان
بالله تعالى لا يكتمل إلا بذلك الحب، وقد اقترنت محبته بمحبة الله تعالى
في كثير من الآيات قال الله تعالى:
{قُل إِن كَانَ ءَابَآؤُكُم وَأَبنَاؤُكُم وَإِخوَانُكُم وَأَزوَاجُكُم
وَعَشِيرَتُكُم وَأَموَالٌ اقتَرَفتُمُوهَا وَتِجَارَةُ ُتَخشَونَ
كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرضَونَهَا أَحَبَّ إِلَيكُم مِّنَ اللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ في سَبِيلِهِ فَتَرَبصُّوا حَتَّى يأتي اللَّهُ
بِأَمرِهِ وَاللَّهُ لا يَهدِى القَومَ الفَاسِقِِينَ} [التوبة: 24]
في هذه الآية الدليل الواضح لوجوب محبته وأنها واجبة بالكتاب والسنة،
وتتضمن التهديد والوعيد لمن آثر على حب الله ورسوله محبة غيرهما من الأهل
والمال والولد.
إن حبه صلى الله عليه وسلم دليل الإيمان والعمل بسنته دليل الإحسان وحبه عبادة وطاعة مفروضة،قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين".[1] ومعنى محبته إيثار ما يحب صلى الله عليه وسلم على ما يحب العبد.
والحب دليل صريح على همة الإنسان، فمن أحب الله ورسوله كانت همته عالية فكان من الذين: { يُحِبُّهُم وَيُحبُّونَهُ} [المائدة: 54]
قال ابن القيم رحمه الله: "لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة
على صحة الدعوة فقيل لا تقبل هذه الدعوة إلا ببينة، قال تعالى: {قُل إِن كُنتُم تُحِبُونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحبِبكُمُ اللَّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَاللَّهُ غَفُور” رَّحِيم} [آل عمران: 31]
فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الحبيب في أفعاله وأقواله وأخلاقه، وقال رحمه الله: وهذه الآية تسمى– آية المحبة[2]
قال أبو سليمان الدراني: "لما ادعت القلوب محبة الله أنزل الله لها محنة".
وقال بعض السلف: "ادعى قوم محبة الله فأنزل الله تعالى آية المحنة {قُل إِن كُنتُم تُحِبُون اللَّهَ}، وقوله {فَاتَّبِعُونِي يُحبِبكُمُ اللَّهُ} إشارة إلى دليل المحبة فدليلها إتباع الرسول وفائدتها وثمرتها محبة المرسل لكم".
* فأين نحن من اتباع سنته قولا وعملا واعتقادا وفي عباداته ومعاملاته وأخلاقه؟
*أين نحن من اتباع سنته في الصلاة والزكاة والصيام والحج؟
*أين نحن من اتباع سنته في ذكره ودعائه وتلاوته وتوكله على الله ولجوئه إليه؟
*أين نحن من اتباع سنته في الإحسان إلى الجيران وإكرام الضيف وصلة الأرحام وقضاء حوائج الفقراء واليتامى والمساكين؟
*أين نحن من اتباع سنته في تواضعه وأدبه ورحمته وشفقته وكرمه وحسن خلقه؟
قال تعالى: { لَّقَد
كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةُُُُُ ُلِّمَن كَانَ
يَرجُو اللَّهَ وَالَيومَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]
*وفوق كل ذلك: أين نحن من الزود عنه، وقد فاق الحد
في الهجوم عليه صلى الله عليه وسلم بشتى الوسائل وعلى آل بيته والصحابة
رضوان الله عليهم جميعا.

وكيف لا نحبه وقد أحبه الله تعالى ودلائل هذا الحب كثيرة منها:
*قربه الله سبحانه وتعالى إليه ليلة الإسراء والمعراج.
*أقسم الله سبحانه وتعالى بحياته {لَعَمرُكَ إِنَّهُم لَفِى سَكرَتِهِم يَعمَهُونَ} [الحجر: 72]
يقول الشيخ الشعراوى رحمه الله: ونعلم أن الحق سبحانه يُقسم بما شاء على
ما شاء، وقد أقسم سبحانه بكل شيء في الوجود، إلا أنه لم يُقسم أبدا بأي
إنسان إلا بمحمد صلى الله عليه وسلم.
*قرن الله سبحانه وتعالى اسمه باسمه جل وعلا: في القرآن الكريم، في رفع
الآذان خمسة مرات يوميا، في شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؛
وهى أول شروط الدخول في الإسلام.
كما فرض الله علينا تحيته بعد تحيته جل وعلا، والصلاة والسلام عليه في كل صلاة.
*خصه الله تعالى بخصائص ليست لغيره من الأنبياء:الكوثر– الحوض– الوسيلة– الشفاعة لأمته.
*وعد الله تعالى نبيه بالأجر الممتد الدائم، ومدحه بأنه مُستعلٍ بخلقه العظيم:
{وَإِنَّ لَكَ لأَجرًا غََيرَ مَمنُونٍ*وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 3-4]
*اصطفاه الله سبحانه وتعالى لتلك الرسالة العظيمة، وجعل رسالته عامة لجميع البشر ولكل الأمم ولجميع الأجيال إلي يوم القيامة.
*استجابة الله سبحانه وتعالى لنبيه بادخار دعوته وانفراده بذلك دون سائر الأنبياء؛ ليوم القيامة للشفاعة في أمته.