فى لحظات النصر ننسى كثيرا اننا بشر ...!
ننسى اننا فى مصيدة الاقدار ، وان المساحه بين تأنقنا الكامل
وخيلائنا من جهة وضعفنا وذلنا من جهة اخرى ،
جد هينة على الله فهو قادر ـ سبحانه ـ ان يلبسنا ثياب الذل بعد
العظمه ، او يكسونا رداء الفخر بعد الفاقة والعوز .
اننا ننسى او نتناسى انه لو عاملنا ـ سبحانه وتعالى ـ بمنطق العدل
واطلق فينا حكم الملك فى رعيته ، لكنا جميعا مدانين .
لكنه ـ جل اسمه ـ برحمته ولطفه وحلمه ، يتغاضى ويغفر .
برغم كوننا قد نتمادى فى الغرور والكبر ، ونثق فى قوتنا .
يحكى ان رجلا من هواة تسلق الجبال قرر تحقيق حلمه فى تسلق اعلى
جبال العالم واخطرها ، وبعد سنين طويلة من التحضير وطمعا فى اكبر قدر
من الشهرة والتميز ، قرر القيام بهذه المغامره وحده .
وبدأت الرحلة كما خطط لها ومعه كل مايلزمه لتحقيق حلمه
مرت الساعات سريعه ودون ان يشعر فاجأه الليل بظلامه وكان قد وصل تقريبا
الى نصف الطريق حيث لامجال للتراجع ، ربما يكون الرجوع اكثر صعوبه وخطوره
وبالفعل لم يجد امامه سوى مواصلة الطريق الذى ماعاد يراه وسط هذا الظلام
الحالك والبرد القاسى ومايخبأه له هذا الطريق المظلم .
وبعد ساعات اكثر جهدا وقبل وصوله الى القمه ، اذا بالرجل يفقد اتزانه ويسقط
من اعلى قمة الجبل بعد ان كان على بعد لحظات من تحقيق حلم العمر او ربما
اقل من لحظات !
وكانت احداث حياته تمر امام عينيه بسرعه وهو يرتطم بكل صخره من صخور الجبل
وفى اثناء سقوطه تمسك الرجل بالحبل الذى كان ربطه فى وسطه منذ بداية الرحله
ولحسن الحظ كان خطاف الحبل معلق بقوة من الطرف الاخر باحدى صخور الجبل ،
فوجد نفسه يتأرجح فى الهواء ، لاشىء تحت قدميه ويديه مملؤة بالدماء ، ممسكة
بالحبل ، وسط هذا الليل وقسوته ، التقط الرجل انفاسه كمن عادت له الروح ، يمسك
بالحبل باحثا عن اى امل فى النجاة .
وفى يأس لاأمل فيه صرخ الرجل بصوت عال :
ـ الهى ـ الهى ـ ساعدنى !
فأجابه صوت شق سكون الليل وهدأته :
قل مسألتك ... والله مجيبك :
ـ فقال الرجل فى توسل : اريد النجاه فلينقذنى الله مما انا فيه :
فأجابه الصوت : لكنك تؤمن فى قوتك ، اكثر من ايمانك بالله ، فلماذا تريد العون منه ؟
فقال له الرجل : بل اؤمن به ، وليس سواه قادر على انقاذى ، ساعدنى ياالهى ..
ـ فأجابه الصوت فى حسم : " اذن اقطع الحبل الذى انت ممسك به !!
وبعد لحظه من التردد لم تطل ، تعلق الرجل بحبله اكثر فأكثر ،
وفى اليوم التالى ، عثروا على جثة الرجل على ارتفاع مترين من سطح الارض !!!
هذه القصه قد لفتت نظرنا الى اننا قد ننسى ونحن نسير نحو تحقيق حلمنا حقوق
الله علينا ، وان الطموح ببريقه قد يغشى اعيننا ، ويجعلنا لانرى الايدنا التى تفعل ،
وقدمنا التى تسير ، وذهننا الذى يفكر .
وتنسينا اليد العليا التى تقف خلف هذا كله ولانذكر الله الا وقت الازمه والشده .. !!
سوف نجد انفسنا هلكى .. ولم يبق على طريق النجاة سوى خطوتين .. اومترين !
اذا كانت السعاده شجرة منبتها النفس البشرية والقلب الانسانى ..
فان الايمان بالله تعالى وبالدار الاخره هو ماؤها وغذاؤها وضياؤها .