ان من اهم التحديات التى يوجهها العالم العربي اليوم هي ازمة الثقافة .و المثقف الذي اصبح دوره منحصرا اكثر من اي وقت مضي .هذه النخب التي لم تعد مهمتها قيادة المجتمعات في تغيراتها الكبرى،الامر الذي ادى الى انحصار ادورها في الجميعات والمدارس و المكاتب المغلقة .وإنّ هذا ا يجعل من الحديث عن موت المثقف ودوره في المجتمع .لكن ماهي الثقافة و من هو هذا المثقّف؟
يمكن ان تعرف الثقافة اصطلاحاً بأنها المعرفة التي تؤخذ عن طريق الإخبار والتلقي والاستنباط ، كالتاريخ واللغة والأدب والفلسفة والفنون من وجهة نظر خاصة عن الحياة، فالثقافة بمعناها العام هي مجرد المعرفة النظرية، فالثقافة هي المعارف والعقائد والفنون والأخلاق والقوانين والعادات ...(((ﻭﺃﻗﺮﺏ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﻫﻮ:"ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ بتفاعلاتها في الماضي والحاضر، ﻣﻦ ﺩﻳﻦ، ﻭﻟﻐﺔ، ﻭﺗﺎﺭﻳﺦ، ﻭﺣﻀﺎﺭﺓ، ﻭﻗﻴﻢ، ﻭﺃﻫﺪﺍﻑ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﻋﻴﺔ ﻫﺎﺩﻓﺔ.
فكلمة الثقافة تبدوفي مصطلح ابن خلدون مرادفاً لما يسميه في مصطلحه الخاص (الصناعة) صناعة النحو، صناعة الفقه، صناعة الطب... الخ. فكل فن، أو تقنية كما نسميها اليوم، يسميه ابن خلدون صناعة وأحياناً يجمع مجموعة الصناعات (أي ما نسميه اليوم تكنولوجيا) بكلمة ثقافة إنما مدلولها اليوم قد اتسع أكثر من ذلك بكثير
- ما مفهوم المثقَّف؟
المثقف والثقافة - لغةً - مشتقان من مادة (ثقف)، والتي تدل - حسب ما جاء في معاجم اللغة العربية وقواميسها - على عدَّة معانٍ، منها: الحذق، وسرعة الفهم، والفطنة، والذكاء، وسرعة التعلُّم، وتسوية المعوجِّ من الأشياء، والظفَر بالشيء؛ قال تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ} [الأنفال: 57]"[1].
وعرَّف مجمع اللغة العربية (الثقافي) بأنه: "كل ما فيه استنارةٌ للذهن، وتهذيبٌ للذوقِ، وتنميةٌ لِمَلَكة النقد والحُكْم لدى الفرد والمجتمع"[2]، ويتَّضح هنا ارتباط هذا التعريف بالدلالات اللغوية السابقة.
وتذهب إحدى الدراسات إلى: أن اللفظين العربيين (مثقف) و(ثقافة) يقابلان على التوالي اللفظين: (intellectual)، و(culture) ذوَي الأصل اللاتيني، المستخدمينِ في اللغة الأوربية، وعلى الرغم من أن الاشتقاق العربي يُعِين على فهم العلاقة بين المثقَّف والثقافة، التي تمثل مجال فعله وتأثيره، ويشدد على الترابط بين الاثنين - فإن التفكير في دور المثقف وعلاقته بالثقافة لا يزال يتبع المعانيَ المولَّدة في الأدبيات الغربية ويحذو حذوها.
ومن الجدير بالذكر أن لفظ (intellectual) أقرب في معناه إلى كلمة (المفكِّر)؛ لأن الكلمة مشتقة في اللغات الأوربية من كلمة (intellect)، أي: (الفكر)، بينما تحمل كلمة (culture) معنى (الرعاية والعناية)، فهي تستخدم حقيقةً للدلالة على الشروط التي يوفِّرها المزارع لنمو زرعه، وتستخدم مجازًا للدلالة على الشروط التي يوفرها المجتمع للنمو النفسي والعقلي لأفراده.
والمثقف في المفهوم الاصطلاحي: ناقدٌ اجتماعيٌّ، "همُّه أن يحدِّد، ويحلِّل، ويعمل من خلال ذلك على المساهمة في تجاوز العوائق التي تقف أمام بلوغ نظام اجتماعي أفضل، نظامٍ أكثر إنسانية، وأكثر عقلانية"، كما أنه الممثِّل لقوَّةٍ محرِّكةٍ اجتماعيًّا، "يمتلك من خلالها القدرةَ على تطوير المجتمع، من خلال تطوير أفكار هذا المجتمع ومفاهيمه الضرورية".
والمثقف يملك قدرًا من الثقافة التي تؤهله لقدرٍ من النظرة الشمولية، وقدرٍ من الالتزام الفكري والسياسي تجاه مجتمعه، وهو مبدع كل يوم، يستطيع بهذا الإبداع الثقافي أن يفصل بين تهذيبات القول وتجليات الفكر، بين الثقافة وعدم الثقافة، بين التحضر والتطور".
ومن هنا يمكن القول دور المثقف في ثلاث مهام أساسيَّةٍ، هي:
1- بث الثقافة السليمة، وإشاعة القيم الحقيقية التي يتبنَّاها الإسلام، وإثارة وعي الأمَّة حول القضايا الراهنة والمصيرية، وتمكين أفراد المجتمع من التمييز بين الثقافة الإسلامية الأصيلة والثقافة الدخيلة، وبين ما هو خرافة وانحراف وما هو حقيقة دينية، وهو المسؤول عن الوصول بوعي الأمة إلى المستوى الذي يؤهِّلها للقيام بدورها الحضاري في إطارٍ من الترابط بين الثقافة والسياسة.
2- النقد، وهو من الوظائف الأساسية لتطوير أيٍّ عمل، سواء كان ثقافيًّا أو سياسيًّا أو اجتماعيًّا، وينبغي للمثقف وهو يمارس النقد التوافرُ على خلفيةٍ قادرةٍ على تحديد المساحات الخاضعة للنقد، من حيث طبيعتُها وخصائصُها والظروفُ التي تمرُّ بها ودرجةُ أولوياتها؛ لكي تكون العملية إيجابيةً وباتجاه البناء والتقويم والتجديد والتطوير، بالإضافة إلى ذلك تقع على المثقف الإسلامي تنمية الحس النقديِّ عند الأمة؛ لكي تتفاعل مع عملية التجديد والتطوير.
3- تبنِّي قضايا الأمة والدفاع عنها؛ فالمثقف الإسلامي هو لسان حال المجتمع، يتبنى قضاياه ويدافع عنها، ولا يجوز له أن يتخلَّى أو يتقاعس أو ينظر لها نظرةً فوقيةً، تفوِّت عليه دوره الحقيقي في الوسط الاجتماعي؛ ولكي يكون المثقف أكثر مصداقيةً ينبغي أن يكون أول مُضحٍّ من أجل الأمة وقضاياها المصيرية، وأشد التزامًا بالقيم، وأكثر تعهُّدًا بالمبادئ، محتكمًا إلى الأسس الدينية والأخلاقية، وأن لا يتجاوز في سلوكه الحدود الشرعية، وتمثل هذه المهمة الحقل التطبيقي للمثقف، ودائرة مصداقيته وسط الأمة، وعليها يتوقف نجاحه في أداء مهمته، ولا يعني إسناد هذا الدور إلى المثقف إلغاءً لدور غيره ممن تقع عليهم مهامٌّ أخرى ومسؤوليات تختلف طبيعتها عن هذه المسؤوليات، "فعندما يمارس المثقف الإسلامي دوره وسط الأمة، لا يحجِّم دور الفقيه والمفكِّر الإسلامي؛ وإنما يتداخَل ويتكامَل معهما".
فلو نظرنا إلى الثقافة، وإلى عملية التثقيف على أنها علم فقط، نكون إذن وكأنما فصلنا القضية عن جوهرها، لأن العلم لا يدعي، وليس من وظيفته أن يقدم المبررات.
فالعلم ليس للمبررات وهو لا يقدم الكيفيات. إنه يجيب عن سؤال كيف فقط. فمنذ أن تأسس العلم على المبادئ التي قررها "ديكارت" في القرن السابع عشر والتي استنتجها من معركته مع المدرسة "السكولاستية" إذ كان ديكارت يرى أن هذه المدرسة، قد عطلت سير الإنسانية، فأراد التخلص منها فتخلص في الوقت نفسه من اتجاه فكري عظيم. إنه اتجاه الفكر الذي يضمن للمجتمع جانب المبررات أي الجواب عن لماذا؟ فأضحى العلم بذلك لا يجيب إلاّ عن سؤال واحد هو: كيف؟
وحينما جاء نيوتن مكتشف الجاذبية بعد قرنين من ديكارت وجدناه يصوغ قانون الجاذبية صياغة تتجنب طبقاً لمنطق "ديكارت" أن تتورط في ناحية المبررات.
فجاءت صياغة قانون الجاذبية كما يعلم طلاب الجامعات بهذا النص:
."الأشياء تسير كأنما الأجرام تتجاذب طبقاً لشحنتها المادية على عكس مربع أبعادها"
"إنما" و"ليس" "إذ التعبير" "كأن" يأتي وفق مبادئ ديكارت التي تقدم العلم على أساسها والتي تتجنب "لأن". أي تتجنب الجواب عن "لأن" فتتعمد إلى استعمال "كأن" وهذا التعبير هو الذي يحمل طابع واتجاه العلم الجديد الذي نشأ طبقاً للمنهج الذي قرره "ديكارت."
فلو أن العلم بقي في مفهومه كما كان قبل "ديكارت" لربما جاز لنا أن نقول إن العلم يساوي الثقافة ونقول ربما. لكن العلم اليوم لا يجيز لنا ذلك؛ لأن العلم في مفهومه الحديث لا يقدم المبررات ولا يهتم بهذا الجانب لأنه يهتم بالكيفيات
وان التطورات التي حدثت في الجزائر جعلت من سلوك الفرد سلبيا اتجاه موضوع الثقافة فكلمة مثقف صفة شخصية ترتبط بمدى تفاعل وتاثير الفرد في مجتمع هوكذا مدى انتاجه للافكار الخلاقة و تفكيروالشرط الأول الذييجب ان توفره الثقافة ونفترضه عليها أن تحقق الأساس الأخلاقي في المجتمع لأن المجتمع لا يقوم على غير الأخلاق لأن المعاملات الاجتماعية كلها حتى معاملات .